فإن أردت الخدمة قدّمناك إلى أعلى رتبها وأرفع درجها، وإن رأيت الاعتزال والدعة أوجبنا لك مائة ألف درهم معيشة من أصفهان ووفّرناك على المقام في دارك بها. ولك علينا عهد الله وميثاقه في أيماننا من كلّ ما تخافه وتحذره وإنّا لك بحيث تحبّه وتؤثره. أدهشتني مهارة أصلان سلطان في قيادتنا عبر الغابات في الجبال التي تحد سهوب قبجاق. فسامح أبا على ابن حمولة بألفي ألف درهم من جملة الثمانية التي بذلها وسامح أبا العباس بمثلها من الستّة، وقرّر عليهما جميعا عشرة آلاف ألف درهم وجمع بينهما في النظر وخلع عليهما خلعتين متساويتين ورتّب أمرهما على أن يجلسا في دست واحد ويوقّعا جميعا: vudu vape فيوما يوقّع هذا ويعلم ذاك ويوما يوقع ذلك ويعلم هذا. ورأى فخر الدولة أنّ من الصلاح الإشراك بينهما في النظر. ووقع التراضي بذلك ونظرا في الأعمال. ووقع الحرب بينه وبين أبي محمد ابن مكرم وألفتكين ومن في جملتهما من الغلمان، وصدق الفريقان وزحف الديلم بين البساتين والنخيل حتى دخلوا البلد ودفعوا أبا محمد وألفتكين منه. صدق المثل « تبصر القذى في عين غيرك وتدع الجزع المعترض في حلقك » فرحم الله من أبصر عيب نفسه فشغل بستره عن عيب غيره. وعرف بهاء الدولة ما جرى على غلمانه فضعفت نفسه وهمّ بالهزيمة وخاف أن يظهرها فيطمع فيه بنو أسد.

فهلّا نظر هذا القاضي في شأن نفسه ثم أفتى في شأن غيره مثل ابن عبّاد الذي قدم قدمه وأثّل نعمته وراش جناحه ومهّد أحواله! فقتل قوم منهم بشيراز وأجفلت طائفة منهم، فعاثوا في بلاد فارس. لو أستطيع الاقتراب منهم حتى يأخذوني أسيراً قبل أن أثير شكوك سيدي أصلان سلطان أصل إلى بر الأمان، ومع أنني سأتلقى ضرباً من الحرس بادئ الأمر، سيكون عندي فرصة كي أكشف لهم هويتي وأروي لهم قصتي، وفصاحتي كفيلة بإقناعهم. ففعلوا ذلك ولم يفلت منهم إلّا نفر حصلوا بين القتلى وهربوا تحت الليل. ثم لم يحظ من ذلك إلّا بالأوزار التي احتقبها والآثام التي اكتسبها. ثم قبض فخر الدولة عليه وعلى المتعلّقين به وقرّر أمرهم على ثلاثة آلاف ألف درهم فباع في جملة ما باع ألف طيلسان وألف ثوب من الصوف المصري. «والسراج أمام الشمس لا يضيء له ذبال، والمنارة العالية في سفح جبل ألوند تظهر كالخلال».29 وفيما تفضلت به يا صاحب الجلالة عن النساء، فيرى أدنى عبيدك أن هناك شبهاً عظيماً بين الحيوانات والفرنجة، وهذا يشير إلى أنهم دون المسلمين.

لمّا توفّى طغان الحاجب كوتب بهاء الدولة بخبره وبما عوّل عليه الغلمان وما حدّثوا به أنفسهم من العود إلى بغداد. لمّا عرف أبو محمد والغلمان خبر بهاء الدولة في انصرافه ساروا إلى عسكر مكرم وتبعهم العلاء بن الحسن والديلم ورفعوهم عنها فارتفعوا ونزلوا براملان بين عسكر مكرم ودستر. وقرب العلاء بن الحسن فعرّج على عسكر مكرم ونزل بهاء الدولة بطلا وترددت بينه وبين العلاء مراسلات ومكاتبات سلك فيها العلاء سبيل اللينة والإطماع والمكر والخداع. وأنفذ أبا محمد الحسن بن مكرم إلى ألفتكين الخادم للمقام بموضعه، وكان حصل برامهرمز منصرفا مرّتين إلى عساكر فارس. وقبضا على أصحاب ابن عباد وتتبّعا كلّ من جرت مسامحة باسمه في أيّامه وقرّرا المصادرات في البلاد، وأنفذا أبا بكر ابن رافع إلى استراباذ ونواحيها بمثل ذلك. » فراسل فخر الدولة وبذل ستّة آلاف ألف درهم عن إقراره على الوزارة وإعفائه من أن يلقى أبا على. أظهر لهم القبول وخرج لاستقبالهم ورتّب أصحابه صفّين وهم رجّالة، وواقفهم على الإيقاع بهم إذا دخلوا بينهم. وخرج فخر الدولة وتلقّاه ولم يخرج أبو العباس. وكتب أبو على ابن حمولة يخطب الوزارة وضمن عنها ثمانية آلاف ألف درهم وأجيب إلى الحضور. وقبّح الأحدوثة التي علقت بأخباره سماتها، وبقيت على الأيّام عظاتها، إذ لم يبق من عظامه رفاتها. كنت واقفاً أمام محل أبي وأنا أفكر بكل هذه الأمور حين أمسكني أحدهم من يدي بقوة، وحين التفتُّ رأيت وجه أصلان سلطان الشرس الذي هددني بالقتل فوراً إن لم أكن محل ثقته بي.

استدعيته وقلت له: «بعد ما حكيته لي، يستحيل علي أن أطلق سراحك، فقد اعترفت بأنك هربت مع امرأة من حريم السردار، وقد لا تدري أن هذا يعتبر عند المسلمين جريمة يعاقب عليها بالقتل لحرمة النساء عندنا. « قد ورد أبو على وقد عزمت على الخروج في غد لتلقّيه وأمرت الجماعة بالترجّل له. » فامتنع أبو العباس من ذلك مع تردّد القول فيه. وفيها توفّى أبو نصر خواشاذه بالبطيحة وسبب حصوله بها أنّه لمّا قبض عليه خرج في الصحبة إلى واسط واعتقل بها فتوصّل إلى الهرب. فانزعج لذلك وعلم ما في أثنائه من ذهاب الدولة مع استعداد العلاء للمقارعة، وقدّم تسيير أبي كاليجار المرزبان بن شهفيروز إلى الأهواز للنيابة عنه، ورمّ العسكر بها وكان بينهما تذمّما في جميع الأمور مستقلا للتوقيع والتدبير. فرأيت كتب فخر الدولة وصمصامها وبهائها وبدر بن حسنويه إليه يستدعيه كلّ واحد منهم، ويبذل له من المعيشة والإحسان ما يرغب في مثله. « هذا ثمرة امتناعك عليه وقعودك عمّا دعاك إليه وسيكون لهذه الحال ما بعدها. ما هذا التراب الذي وقع على رؤوسنا؟ فطرحوا الأجذاع وأعمدة الخيم عليها وعبروها وحصلوا مع الديلم على أرض واحدة ونزلوا بالمصلّى وخيّم العلاء نحو شهرين. يمكنك عصر خوخ الشيشة مع عصير الليمون ومكعبات الثلج لتحضير عصير منعش.